لا عزَّ إلا بالإسلام
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “نحن أمة أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله.” فلا اعتزاز إلا بالإسلام، ولا انتماء إلا إليه.
من هذا المنطلق، سنتحدث اليوم عن ديننا الحنيف، ومدى فخرنا بانتمائنا إليه ومنه نستمد المبادئ والنُظم السامية المتجسدة بالحق الالهي على هذه الأرض
لا يختلف مسلم في أهمية التاريخ الإسلامي ودوره العظيم في حمل الرسالة الخالدة، ورفع راية التوحيد، ونشرها بين الناس في مختلف الأقطار. لقد اشتمل الإسلام على أحكام نبيلة وأخلاق رفيعة تهذِّب النفوس، وتؤلف بين القلوب، وتنشئ الخير في الأفعال والأقوال. فالإنسانية الحقّة لا وجود لها بلا إسلام؛ إذ الإسلام هو أساس الإنسانية وركيزتها.
الإسلام لا يعارض العلم الصحيح، ولا يرفض الفن النافع، ولا يعادي الحضارة الخيِّرة. إنه دين رحب وشامل، يحتوي على كل ما يصلح الحياة، ويضع المبادئ التي تنظم المجتمعات المتحضرة. وكما قيل، فإن علوم الطبيعة والمنطق ليست إلا جزءًا صغيرًا من علمٍ واحد أعظم وأشمل، وهو الدين الإسلامي، في باطنه وظاهره، يمنح صراط مستقيمًا يهدي الإنسانية من الظلمات إلى النور.
إنّ تاريخ الإسلام مليء بالمواقف التي تظهر اعتزاز المسلمين بدينهم، وكيفية تعاملهم مع من يسيء إليه. ومن أبرز هذه المواقف ما رواه التاريخ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه. فعندما خرج عمر مع أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما، ووصلا إلى أرض منخفضة فيها ماء، نزل عمر عن ناقته، وخلع خفيه، ووضعهما على كتفيه، وأمسك بزمام ناقته وخاض الماء. فقال له أبو عبيدة: “يا أمير المؤمنين، أأنت تفعل هذا؟! تخلع خفيك، وتضعهما على عاتقك، وتأخذ بزمام ناقتك، وتخوض بها المخاضة؟ ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك!” فرد عليه عمر: “لو قال هذا غيرك يا أبا عبيدة لجعلته نكالًا لأمة محمد ﷺ! إنا كنا أذلَّ قوم، فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله.”
وموقف آخر من مواقف العزة والكرامة نجده في قصة الصحابي الجليل سعد بن معاذ رضي الله عنه، عندما انطلق معتمرًا ووصل الكعبة في وضح النهار. استنكر كفار قريش هذا الفعل، وعلى رأسهم أبو جهل الذي نهاه عن الطواف. ولكن سعد رضي الله عنه لم يُلقِ بالًا لتهديداته، بل رد عليه قائلًا: “لقد أخبرنا رسول الله ﷺ بأنك ستُقتل، وبالفعل، في غزوة بدر، تحقق وعد النبي ﷺ، وقُتل أبو جهل.”
وكما قال الشاعر:
وَمِمَّا زَادَنِي شَرَفًا وَتِيهًا
وَكِدتُ بِأَخمُصِي أَطَأُ الثُّرَيَّا
دُخُولِي تَحتَ قَولِكَ يَا عِبَادِي
وَأَنْ صَيَّرت أَحمَدَ لِي نَبِيَّا
وفي الختام، نسأل الله العظيم أن يحيينا على الإسلام، وأن يتوفانا على الإيمان، ونسأله أن يعز الإسلام والمسلمين، ويذل الشرك والمشركين، وأن يحفظنا بالإسلام في قيامنا، وقعودنا، ورقادنا.
اللهم آمين.