مُعضلة الفراغ
مع مرور الأيام وخوض العديد من التجارب، آمنت أن من أكثر الاشياء تعقيداً على الإطلاق؛هي النفس البشرية وأعتقد أن هذا التعقيد جزء من كوننا بشر في عالم مُتغير، وكل يوم هو في حال،ولعل من أبرز صور التعقيد؛ هو معتقداتنا حول الفراغ ، الذي يُشكل نعمة احياناً ونقمة في احياناً أخرى؛
لأن غاية كل انسان أن يكون لديه متسع من الوقت،يهرب فيه من ضغوطات الحياة،ليمارس ما يحب من أنشطة وهوايات ،لكن سرعان ما يتحول هذا الفراغ إلى كابوس،واحياناً مصدر للأمراض النفسية؛أبرزها الاكتئاب.
فالفراغ معضلة تحدث عنها الكثير من الفلاسفة والأدباء، حيث يقول غازي القصيبي-رحمة الله- :
“العمل لايقتل مهما كان شاقاً وقاسياً
ولكنّ الفراغ يقتل حتى أنبل مافي الإنسان”.
كذلك يقول محمد شكري :”على المرء أن يكون مشغولاً للحد الذي يلهيه عن تعاسته”.
و آخر ما قرأته وصادفني من مقولات حول الفراغ، هو ما تحدث عنه د. محمد ابراهيم في كتابه جلسات نفسية،حيث تطرق إلى الفراغ من زاوية؛إن الانسان هو الكائن الوحيد،الذي يضيف له العمل قيمة بحد ذاته بغض النظر عن منافعه،بمعنى أن انعدام العمل والفراغ،يعني بالتالي انعدام قيمة المرء في عين نفسه؛
لأن النفس البشرية بطبيعتها لابد من أن تعمل وتفكر،
في النهاية هي ليست جمادً يبقى في مكان واحد من مهده حتى لحدهِ.
ومن جهة أخرى هنالك نقطة مهمة،لا بد أن أتوقف عندها وهي ؛أن حديثي عن الفراغ ومشكلاته،لا يعني أن نعمل طيلة اليوم،ولا نخصص وقتاً لذواتنا، لأنه بذلك سنفقد التوازن وندخل في دوامة إرهاق، فكما يقول المثل:الشيء إذا زاد عن حده، ينقلب ضده”
لأن كثرة الفراغ تمرض، وكثرة العمل تُرهق،لذلك أنا هنا اتحدث عن الفراغ المُفرط وليس ذلك الذي لا يتجاوز الساعة من عمر الزمن.
ختاماً: من الجميل أن نبحث عن سبل الاعتدال ونوازن بين عملنا و أوقات فراغنا، ولو أنه دائماً تميل الكفة بالنسبة لي إلى العمل لأنه يعني الحياة،وإعمال العقل والجسد؛ فيما يعود لك بالنفع؛أما الفراغ فهو شر استعيذوا بالله دائماً منه.
بقلم: نوال المطيري
تدقيق رحاب الدوسري