![](https://feslmalhdf.com/wp-content/uploads/2025/01/46c09fc6-58ae-45ba-9b6e-7f4894886b7a-1024x535.jpeg)
حرية المرء من نفسه
“الحرية مطلب أم تمرّد”
كان هذا عنوان مقالٍ كتبته لأحدِ الصّحف في عام 2017. الغريب أنه بعد أسبوعٍ من نشرِ المقال فوجئت أن أحدهم قام بسرقته ونسبه إليه، وما آثار حفيظتي جملة بقلم فلان الفلاني طبعًا حينها التزمت الصّمت وبذلت مجهوداً لا بأس به للتمسك برباطة جأشي ولا أعلم لماذا، ربما من دَهشتي! لأنني لم أعلم أن هنالك أيضاً لصوص كلمات وأن السّرقة لا تقتصر على الأشياء الماديّة؛ فهناك من يَسرق أشياء معنوية ويتفاخر بها.
عموماً لنعودَ إلى الحريّة، هذا المصطلح الذي يحمل عدّة أوجهٍ إن صحّ التّعبير، وسلاح ذو حدّين، ودائمًا كنت أتسأل ما هو بالضّبط معنى الحريّة؟ ولكن أنا هنا أقصد موضوع هام وقد يغفل عنه البعض وهو حريةِ الإنسان مع نفسه، فليس السّجن الذي وَضعته قوانين البشر، هو فقط من يسلب الحرية، فكم من حُرٍ طليقٍ لكنه سجين نفسه! نعم نفسه! فالإنسان قد يصبح حبيس أفكاره ومخاوفه ومعتقداته وانتظاره الطويل وأحلامه التي لم يتّسع لها واقعه.
وما أدركته جيداً هو أنه لايوجد حريّة بالمعنى المُطلق، بين المرء وذاته؛ لأنه دائماً هنالك قيود تفرضها الحياة على الإنسان وأحياناً يفرضها الإنسان على نفسه.
وأقصد بذلك كم من شخصٍ حُر؛ لكنه حَبيس أفكاره ومخاوفه ومكبّل الأيدي ويمضي طيلة حياته في النّقطة نفسها. وأعتقد أن المعنى الحقيقيّ للحريّة أن يتحرّر المَرء من مخاوفهِ ولا يسمح أن تُلقي بظلالها على حياته.
وهنا يبدأ السّؤال متى يتحرّر المرء من كل هذا! متى يصبح حراً فعلاً مما يثقل كاهل نفسه، وربما ما أدركته جيداً أن لكل مرحلةٍ مخاوفها وانتظاراتها، فمثلاً في الطّفولة كانت مخاوفنا مختلفة، بل تافهة، ولربما نتذكّرها بشيءٍ من التهكّم الآن، وهكذا فكل مرحلةٍ عمريةٍ تحمل معها شيئاً يجعلنا نفقد شيئاً من حرّيتنا، ولا أعتقد أن هنالك مرحلة من مراحل حياتنا قد نصبح فيها أحراراً من أنفسنا مئة بالمئة، وربما هذه سُنّة الحياة وجزءٌ من طبيعتنا البشرية.
بقلم: نوال المطيري
تدقيق: غدي العصيلي