سأتحدث لكم بلسان ذلك الجندي الذي يقيم في الحدود السعودية الجنوبية فأقول: أنا أحد أبناء هذا الوطن الغالي، أعمل في القطاع العسكري في مدينة جدة عندما جاءتني أوامر سيدي الملك سلمان حفظه الله بضرورة التوجه إلى الحد الجنوبي أنا وزملائي والمرابطة هناك لمواجهة العدو الغاشم، حملت رحلي ولبّيتُ داعي الجهاد، تركت خلفي الأهل والمال والولد، ودعتهم بعين دمعها رقراقٌ وقلبٌ وجل، ليس خوفًا من الحرب ولكن خوفاً عليهم وعلى ثرى هذا الوطن أن تمسه أيدي العدو، ذهبت وأنا أرتجي احدى الحسنين إما النصر ورفع راية التوحيد عالياً، أو الشهادة والفوز بالجنة. أقمنا معسكرنا وأعددنا العدة والعتاد، كنا ثمانية أشخاص، أنا وثلاثة من زملائي وأربعة من مدينة الرياض، أبلينا بلاءً حسنًا في ساحة القتال، كنا بالمرصاد لكل قذيفةٍ يرسلها العدو، نفجرها وهي لا زالت في السماء قبل أن تسقط على أي مدينةٍ في وطننا الغالي أو تمس أبناءه بسوء، كان حالنا وحال غيرنا من الكتائب: نصلي صلاة الخوف، مجموعة تصلي والأخرى تقوم بالحراسة، وكذلك عند النوم أو تناول الطعام، مرت الأيام والشهور ونحن ندافع بكل ما أوتينا من قوة وبسالة، ونهتف دائمًا عند كل انتصار: الله أكبر، الله أكبر.
في يوم من الأيام رأيت أحد الزملاء المقربين لي ويدعى خالد منهمكاً بكتابة رسالة على جواله، لم يعر انتباهاً لأحد، ثم التفت إليّ قائلاً: إقترب مني يا صديقي العزيز، اقترب: لقد طالت الحرب بيننا و إننا والله لا يردنا عن النصر إلا الشهادة، وإن قدر الله وكِتبت لي الشهادة فإني أوصيك أن ترسل هذه الرسالة المدونة في صندوق الملاحظات إلى زوجتي.
و مرت الأيام ونحن لعدونا بالمرصاد، وفي يوم من الأيام شاءت الأقدار أن تصيب قذيفةً كتيبتنا فجرح منا من جرح، أما صديقي خالد فقط وجدته جثةً هامدةً على الأرض، أحركه دون جدوى، كان مبتسمًا، لم أتمالك نفسي ساعتها، انهمرت دموعي، لست أدري لماذا؟ هل فرحاً؟ لأنه نال ما تمنى وكتبت له الشهادة، أم حزناً على فراقه، كنت أصرخ بأعلى صوتي: هنيئاً لك الجنة يا خالد سبقتني إليها والله.
وبعد أن أنهينا مراسم دفنه وصلينا عليه صلاة الجنازة، تذكرت الرسالة التي أوصاني بإرسالها، فذهبت مسرعاً إلى حقيبته باحثًا عن جواله لأجد الرسالة، هل تعلمون ماذا كتب بها؟
لقد كتب: إلى زوجتي الغالية، أعلم أني تركت على عاتقك مسؤولية كبيرة، تربية ابنائنا الخمسة، وأعلم أنك أهل لهذه المسؤولية؛ لذلك أوصيكِ بتقوى الله عز وجل وتربيتهم تربية صالحةً، اغرسي فيهم حب الله ورسوله، وأخبريهم أن هذا الوطن غالٍ يستحق منا الدفاع عنه، ولا تحزني على فراقي واصبري واخبري أبنائي ألا يحزنوا لوفاتي؛ بل يفخروا بأبيهم الشهيد، قولي لهم: إن أباكم ينتظركم في جنة الخلد.
انتهت رسالة صديقي، أرسلتها وأنا في قمة حزني وألمي، رحمك الله ياخالد. أما نحن فلا زلنا مستمرين في الحرب كي يعلم العدو أن الحدود السعودية محرمة عليه، وعلى كل من تسول له نفسه تجاوزها، وأخبرنا هم بقوتنا وإرادتنا بأنهم سيكونون هدفاً لنيراننا المستعمرة دون هوادة.
أخوكم من الحد الجنوبي.
بقلم الكاتبة: سهام القبي.
تدقيق ومراجعة: حليمة الشمري.
4 أفكار عن “رسالة من جندي في الحد الجنوبي.”
الله يرحمه ويرحمنا برحمته والله ينصرهم ويديم عز الوطن يارب 😭😭
بالتوفيق كاتبتنا المميزة في كل مرة تنتجين لنا فكرة مميزة في فنون كتابة المقالة لترسخين لنا قيم وطنية مهمة يجب أن يتنفسها كل مواطن ومقيم ع ارض هذا الوطن العزيز … لنتفيء في ظلال هذا الوطن الشامخ ونتشرب عقيدته الصحيحة وننعم بأمنه وخيره شكرا الكاتبة : سهام القبي وشكرا لهذا الفكر الذين تحملينه دمت بعز وامن وسلام ومزيدا من التألق ….،
asian trap beat
deep sleep