علّمتك المواقف.

في كل مرة نسقط فيها نحاول الوقوف من جديد وهذه ليس قوة فينا أو رغبة منا بل فقط هي عونٌ من الله لنا، إنّ في كل مرة نسقط نحاول الوقوف سريعًا لا البقاء والنظر إلى أن يذهب الجميع ونبقى مكتوفيّ الأيدي ننتظر العون والمساعدة من أي شخص يمرّ أمامنا أو ننظر لنجاح أحدٍ بدلًا من أن نتعلّم منه، نتبع خطاه بخبث ونحسده عليها (فالإنسان مثل قلم الرصاص مع كل عثرة يُبرى ثم يعود ويكتب بخطٍ أجمل).
ففي كل مرة نكبر ونسترجع عثراتنا التي جعلت منّا أشخاص أنضج وأقوى وأكثر سلامًا وامتنانا لأنفسنا، نرى أن الحياة هي مدرستنا ونحنُ طلابها والأمور التي تحدث فيها دروسنا ومعلّمينا هم مَن تركوا أثرًا ثم رحلوا أو هم باقون معنا في حياتنا، فتجارب الحياة ومواقفها ليست لنندم بل هي تعلّمنا فتجعلنا أشخاصًا ذو أثر، قد لا يكون هذا الأثر في نفوس من حولنا أثناء وجودنا في حياتهم ولكن قد يظهر بعد غيابنا عنهم، فالحياة والمواقف لاتمنح دروسًا بالمجان، قد تسلب الكثير منك مقابل أن تعلمك شيئًا واحدًا فقط، لِذا قدّم أفضل ما لديك حتى يعود لك أو تتحدّث عنه مستقبلًا بشكلٍ جميل فيُعجَب به الجميع بعدما أعجبك.
بين أرفف الكتب حدث موقف لـطفلٍ صغير قد اختار أحد الكتب التي لا تُناسب عمره، وقد اُعجِب بشكله الخارجي، ولكن ردة فعِل والدته صدمته بعد أن قالت “هذا الكتاب باهظ الثمن وقراءتك ليست جيدة فأنت لاتستحقه فدَع غيرك يقرأه”، خرج ذلك الطفل حزينًا وهو يتمتم كلماته قائلًا إنه لأميرتي أختي لأن كل ليلة وقبل نومها تقرأ كتابًا فأردت أن اشاركها ما تحب، فالأميرة تركت في قلب ذلك الطفل نورًا ولكن أطفأت والدته ذلك النور بسبب قساوة فعلها وعدم تفهّمها وسؤاله لماذا كان يريد الكتاب، فهل سيحكي يومًا عن تجربته التي تركت أثرًا سيئًا داخله؟
فما أجمل الشخص الذي تكتب عنه اليوم كل جميل وتأتي بعد ذلك السنين لتقرأ ماكتبته وأنت تبتسم فاخرًا بذلك لا نادما.
إذا كانت الحياة تعلّمنا (الحب)، والتجارب تعلّمنا مَن سـ(نحب)، فالمواقف أجدر بأن تعلّمنا مَن (يحبنا).
فماذا علمتكم الحياة والمواقف؟
هل علّمتكم الغفران أم الصمت أم الانتقاد والقسوة وصفع الاخرين أم كشفت لكم المعادن على حقيقتها؟
في المواقف مع الآخرين أنت المؤلف فأحسِن اختيارك للكلمات حتى تَعي بعدها ماذا تعلّمت.
للكاتبة:خوله محمد ..
تدقيق:غدي العصيلي