لاَ تُحْصُوهَا.

كل يوم تفطر فيه مع والديك، أو تسمع أصواتهم، أو تجلس على أريكة مريحة أمام التلفاز بغرفة مكيفة، أو أن يكون لديك الوقت لتمشي فيه من أجل صحة جسدك، أو وجود جهاز لممارسة الرياضة في بيتك تقوم بتمارينك بواسطته، قد تكون ضحكة طفل صغير، أو ماء نظيف وبارد ترتوي منه في وسط الصيف، أو أن يكون لديك سيارة خاصة!، من الممكن أيضًا أن تكون سترة دافئة تساعدك في الشتاء، أو قد يكون موقع بيتك مميزًا، أو كتاب ساعدك في يوم من الأيام بمشكلة، أو حتى مقطع فيديو شاهدته بجهازك وتعلمت منه، من الممكن أيضًا أن تكون كلمة قيلت لك في يوم من الأيام وغيرت فيك للأحسن، أو سخّر لك ربي يومًا أشخاصًا طيبين وصادقين في حياتك، أو هدية جميلة من شخص غريب، أو لعلّ ربي رزقك ببركة، صحة ببدنك، جمال، أو أنك تعيش بدوله فيها سلام وأمان، قد يكون جواز سفر، وظيفة، زوجة حنونة، شهادة جامعية، أو سرير مريح، أو من الممكن أن تكون سريع الحفظ أو ذكيًا، أو لديك مهاراتٍ كالكتابة، الرسم، التطريز، أو التصوير، من ممكن كذلك أنك تعرف كيف تقوم بتصليح سيارتك، أو حتى تتكلم من دون تلعثم، أو ربما -أبسطها- قلبك طيب .
يكفي من كل ذلك نعمة النفَس التي ربما لا تخطر في بال أحد، فنحن نتنفس في اليوم والليلة أربعة وعشرين ألف نفس وكل نفس نعمة من الله عز وجل.
إن هذه النعم وغيرها من قبيل التمثيل لا الحصر، ليس لأحد أن يحصيها غير الله لكثرتها وجهلنا بها، وأن الله لم يطالبنا بشكر جميع نعمة؛ لعجزنا عن القيام بذلك. هذه النعم غير متناهية ومنها الظاهرة، ومنها الباطنية، ومنها الجلية، ومنها الخفية، ومن عِظم رحمة الله وسعة فضله أنه يُنعم على المطيع والعاصي والمؤمن والكافر، قال الله: (وَءَاتَىٰكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لَا تُحْصُوهَآ ۗ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) أي هي لكم كل ما تحتاجون إليه في جميع أحوالكم، وقال بعض السلف: من كل ما سألتموه ومالم تسألوه.
تذكروا أن الشكر عبادة، نجاح، إيمان وعمل، قال عمر بن الخطاب يخاطب نفسه: (اللهم اجعلني من القليل الشَّاكر، لا من الكثير الساهي واللاهي) اللهم أمين.

الكاتبة: روان جاد الحق
تدقيق لغوي ومراجعة: حليمة الشمري.