العشرون عاماً وما بعد!

تبدأ الحياة مسيرتها منذ اللحظة الأولى التي تُنفخ فيها روح الإنسان وهو في ثلاث ظلماتٍ كظلمات يونس في بطن الحوت! استناداً لقوله تعالى: ‫(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ) هذه الظلمات‬ هي ظلمات مشيمة الرحم، ثم ظلمات الرحم، ثم ظلمات البطن، ليرى النور بعدها بعدة الشهر ويخرج للحياة إيذاناً ببدء مرحلةٍ جديدة هي (الولادة)! وما أن يكمل (السنة الأولى) إلا وينتقل بعدها لمرحلةٍ أخرى هي الطفولة تكاد تكون أجمل مراحل الحياة على الإطلاق! لتأتي بعدها عند بلوغ (الإثنا عشر عاماً) مرحلة المراهقة من أصعب المراحل إن لم تكن هي الأصعب فحينها يبحث الأنسان عن نفسه، ويسعى جاهداً ليثبت شخصيته، كما يصبح متحمساً ومندفعاً للمغامرة والاندفاع في مجالات الحياة المختلفة! وما أن تُقبل العشرون عاماً إلا وتنتهي مرحلة التذبذب والاندفاع لدى الإنسان وتتشكل بفعلها وبعد المرور بهذه المراحل المختلفة شخصية الإنسان الحقيقية التي طالما يسعى ليكتشفها ويبحث عنها عندما انتهت طفولته! ليبدأ اللحاق بمركب الحياة!

(العشرون عاماً) هي المحك الفاصل في هذه الحياة، هي البناء الحقيقي لشخصية الإنسان من حيث مبادئه وفكره ومشاعره واستقراره في نواحي أمور حياته، العشرون عاماً طوبة البناء الأولى لما بعدها من مراحل؛ فيُعول عليها كثيراً في اكتشاف الفرد لذاته أين تكمن قوته؟ وكذلك أين يكون ضعفه؟ ماذا يهمه ويتصدر قائمة أولوياته؟ وفي ذات الوقت ماذا يتنازل عنه ويضحي به؟ ماذا يمتلك من قدرات ومواهب؟ وحتى ماذا يفتقده ويفشل به؟

هذه المرحلة هي البناء الحقيقي لبقية عمر الإنسان الممتد خلفها من حيث الإهداف، والرؤى، والتخطيط السليم لبقية مشوار الحياة الذي يصعب يوماً تلو الأخر! فكل يوم يمضي من عمر الإنسان في عمر العشرون عاماً! هو ثمن للأيام التي سيقضيها في الخمسون عاماً ومابعد! ومايجعل هذا العمر هو الكنز الحقيقي لحياة الإنسان والحجرة الأولى لتأسيس مشروع الحياة وخوض غمارها بكل صبرٍ وجَلد، هو امتلاك الإنسان فيها جميع المقومات التي يستطيع بها فعل أي شيء على الإطلاق! هذي المقومات تكاد لا تجتمع جميعها إلا في هذا العقد الثاني من العمر أهمها الصحة، الاعتماد على الذات، الحماس والشغف، حب المغامره، حب الاستكشاف، وخوض التجارب باندفاع، المال ..إلخ، هذه العوامل هي من جعلت عمر الإنسان الحقيقي يبدأ من هنا؛ لاستقلال الفرد بشخصيته وقدراته وأفكاره وآماله عن غيره فهو بذاته يرسم طريق الحياة التي يريدها ويسعى جاهداً لتحقيقها!

رسالة العشرون عاماً:
زهرة العمر وكذلك بوصلته هي “العشرون عاماً ومابعد!” فأنظر ما أنت صانعٌ فيها؟

 

تحرير: سهام الروقي

Share on facebook
مشاركة
Share on twitter
مشاركة
Share on linkedin
مشاركة

التعليقات :

3 أفكار عن “العشرون عاماً وما بعد!”

  1. ” العشرون عاماً : هي المحك الفاصل في هذه الحياة ”
    بوركت أناملك أخت سهام، حقيقة استمتعت بكل حرف في المقالة لأنه و بلا شك (العشرون عاماً) هي كنز حياة الانسان فلنحسن الصنع بها و لنجاهد باستثمار كنز الحياة على أكمل وجه👍⁦❤️⁩

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أحدث المقالات

اشترك في النشرة البريدية

مجلة إعلامية تقدم محتوى هادف لتنمية ثقافة المجتمع وتعزيز الفنون وتبني الموهبة في بيئة تطوعية.

تواصل معنا

feslmalhdf@gmail.com

جميع الحقوق محفوظة لموقع سلم الهدف © 2020

تواصل معنا

عبق إيماني

فن