من طوق الطهارة إلى موت صغير!

عندما قرأت (طوق الطهارة) للمرة الأولى؛ قررت بعدها ألا أقرأ لهذا الكاتب مجددًا، وأن عليّ أن أصرف وقت قراءتي تلك في كتب أخرى، أتذكر أني دونت انتقاداتي على هذا العمل وأحتفظت بها، ثم وبشكل مفاجئ صفعنا نفس الكاتب نحن القراء بعمله التالي (صوفيا)، لم أكن أؤمن أن صوفيا رواية؛ أعتبرتها (خاطرة ضخمة) لا أكثر، لكني كنت مبهورة بها، مسحت على رأس تلك الرواية ووضعتها تحت وسادتي، لقد تسامحت في داخلي مع الكاتب آنذاك وقررت العودة للقراءة له مجددًا، شيء ما ألحّ علي أن أغفر له سقطته الأولى، لسبب واحد فقط؛ أنني أعرف جيدا شعور الكاتب الجديد الذي ينشر لأول مرة -هذه حفلته- ربما ليس علينا أن نحتفل معه لكن دورنا أن نبارك، ثم صحوت في منتصف عامي الجامعي الثاني على روايته (القندس)، ومثلما تضرب الصاعقة جذع شجرة، ألقى الكاتب روايته تلك أمامنا بثقة، وأدار ظهره لنا، قرأناها مرغمين، ثم صفقنا لها (له)، لم نشفى بعد من (القندس) حتى تلقينا (سقف الكفاية) كصفعة أدبية جديدة، وقفنا احترامًا لها وحزنا عليها، هذه المرة كنا نحن القراء الذين نبحث عن أعمال جديدة لنفس الكاتب، فوجدنا هذه الملحمة تتكئ فوق رف من الحزن والحب، هذا الكاتب إن لم يجعلك تصعد للسماء وإلا فإنه سينثر الإكتئاب في وجهك مثل مسحوق سحري يبدل به حالتك الشعورية فورًا، يجعلك تبكي ثم يمسح دمعك ثم يسخر منك ثم يلبسك ثياب الحداد في الوقت الذي يشاء، بعد ما أنهكنا بقلمه ظنناه توقف عند هذا الحد، ما إن تنفسنا الهواء بعد (سقف الكفاية) حتى جاء يجر عربته وفيها ابن عربي يرتدي رحيله المستمر ويرخي على عينيه عمامته، لقد شعر البوكريون بالحرج فعلًا؛ فقدموا له هدية الفوز بهدوء.

بقلم: عزيزه الدوسري.

Share on facebook
مشاركة
Share on twitter
مشاركة
Share on linkedin
مشاركة

التعليقات :

9 أفكار عن “من طوق الطهارة إلى موت صغير!”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أحدث المقالات

اشترك في النشرة البريدية

مجلة إعلامية تقدم محتوى هادف لتنمية ثقافة المجتمع وتعزيز الفنون وتبني الموهبة في بيئة تطوعية.

تواصل معنا

feslmalhdf@gmail.com

جميع الحقوق محفوظة لموقع سلم الهدف © 2020

تواصل معنا

عبق إيماني

فن