تصفحتُ رسالة حازم الأخيرة، كان قد كتب اسمي في البداية ليمهد لي خبرهُ الصغير:
– ” منى! مقدر اتزوجك أهلي رفضوك لي، أحبك وأتمنى لك التوفيق “.
انتهت رسالته، مسحتُ شاشة هاتفي بتوقع وهدوء، لطالما انتظرته يقولها لأني أعلم أنه سيجبر لقولها، أخذت شهيقاً طويلاً وضحكت ثم بكيت وبكيت وبكيت!، لم أكن حزينةً كنت أبكي لأني وجدت سبباً لأن أفك هذا التعلق المؤذي بشخصه وبالماديات من حولي، أنت لست لي… عليّ تقبل هذه الفكرة ولو على محض التجربة، ماذا عساي أفعل ياحبيبي وأنت لست لي؟ إن كانت هذه النهاية فأستطيع أن أخبرك أني سعيدة بخلاف ما يظنه الناس عادة حول مايدار عن نهايات مؤلمة عن قصص الحب، لماذا نحمل أنفسنا وشركاؤنا والمجتمع والأعراف أسباب فشل علاقاتنا؟ نحن فشلنا لأننا نجحنا بطريقة لم نعيها، هذه تجربة تُهيئك ياصديقي لاستقبال القادم الكبير، وبغض النظر عن ماهية هذا القادم، أنت الآن مستعد أو ستستعد، هزَزتُني بقوة وقلتُ لي:
– دعيه يرحل، أنتِ رائعة به وبدونه، وهو رائع بك وبدونك، وكلانا تعلم درسٌ ما ولكن من زاويته.
هذا الرجل انتهى وابتدأ في آن، هذه القصة ليست مأساة، إنها جميلة ومكتملة الفصول وانتهت هذا كل مافي الأمر، لم يخطئ أحد ولم يقصر أحد، على هذه القصة أن تنتهي أساسًا لأن هذا قدرُها ومايجب عليها أن تصل إليه، قصتنا جميلة وأنا أحببتها هكذا وأشعر حيالها بالامتنان، وأتقبل هذا الانتهاء بصدر رحب – أنا أطفو أخيراً في حالة قبول -، وأفرغتُ من يدي كل الأماني، وذروتها للريح ثم عدت لقلبي بخطى ثابتة، تداعى هذا القلب قليلاً وبكى، ربتُ عليه ولم أنطق، حالة القبول تحتم عليه أن يخرج ردة الفعل لينتهي الأمر ولايعود، ليكن حراً هذا القلب بعد الآن، لا أماني لا أحلام ولا أوهام، كما كانت جدتي تُفرغ حجرها من التمر المجفف بعد الحصاد لترخي ثوبها وتسترخي، كان لزاماً علي أن أفرغ هذا القلب بأي حال، كانت البداية منهكة، شعرتُ كما لو أني دخلتُ في عراك غير متكافئ مع عاصفة ضخمة ثم خرجتُ متعبة، ولكن العاصفة انتهت وأنا سقطتُ على الأرض ألتقط أنفاسي، ثم عدت أعرج للحياة وأنا أضحك متأبطة تجربتي المميزة، لطالما آمنتُ أن كل تجربة لأي أحد مميزة بحد ذاتها، ثم انقشعت سماءي وعادت صحواً وعدت ببال فارغ من أي مادة أو بشر، ما أجملني في هذه الحالة، أنا رائعة وأشعر أني أتنفس بشكل مضاعف ومسترخية بشكل يشبه هدوء عدائيّ الماراثون بعد أشواطٍ طويلة.

للكاتبة: عزيزة الدوسري.

تدقيق: حليمة الشمري.

Share on facebook
مشاركة
Share on twitter
مشاركة
Share on linkedin
مشاركة

التعليقات :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أحدث المقالات

اشترك في النشرة البريدية

مجلة إعلامية تقدم محتوى هادف لتنمية ثقافة المجتمع وتعزيز الفنون وتبني الموهبة في بيئة تطوعية.

تواصل معنا

feslmalhdf@gmail.com

جميع الحقوق محفوظة لموقع سلم الهدف © 2020

تواصل معنا

عبق إيماني

فن