رمضانُ بينَ دخولٍ وخروج.

هانحن الآن نستقبل شهر الخير والبركة، شهر الرحمة والغفران، شهر العتق من النار والذي هبت نسائمه علينا من قبل وشعرنا بروحانيته وكأن كل شيء يتحدث في الوجود معلناً عن وصوله.
نعم ازدانت المحلات التجارية وانتعشت الأسواق بالترويج لحاجيات رمضان، هنا عروض وهناك تضليل، رأينا الفوانيس وتلك القطع الملونة التي تربط في أذهاننا أن رمضان يكتمل بها، وبدأ الإعلام بالترويج عن مفاتن أخرى لهذا الشهر، من مسابقات ومسلسلات هابطة وإعلانات مزيفة الهدف منها فقط حصد أكبر عدد مشاهدة لأغراض مادية بالدرجة الأولى، ولتشتيت المشاهد وإبعاده عن روحانية هذا الشهر والذي يقصد بها التجرد بخلاء البطن وصفاء الذهن والتقرب إلى الله عز وجل بالطاعات والعبادات.
لماذا أبعدتم رمضان عن معناه الحقيقي؟
لماذا جعلتم رمضان في ذاكرة النشئ يتحول من عبادة إلى عادة تحمل الترفيه والعبث؟
وما نلاحظه من توجه ربات المنازل إلى متابعة ماهو جديد من الأكلات الرمضانية عبر وسائل التواصل الإجتماعي ثم التوجه إلى الأسواق بحجة الإستعداد للعيد؛ فيضيع فضل ثلاثين يوماً من أجل يوم.
وأسفاه على أبناء أمتي إن حق قولي فيهم !
ليس حق الضيافة لهذا الشهر الداخل الراحل أن تمضِ أيامه ونحن منغمسين في ملذات الحياة ونعيمها؛ فلا نكون في زمرة المرحومين فيه والمغفور ذنبهم والعتقاء من النار، وهذا النشئ الذي نحمل مسؤليته أمام الله عز وجا عندما ضيعنا هوية رمضان الحقيقية في أذهانهم وجعلناها مرتبطة فقط بفوانيس وطقوس خاصة وأطعمة، فننقله من نقاء الروح إلى بقاء الجسد بينهما. المفترض علينا أن ندرب أبناءنا على أنّ رمضان يحلو بغير تلك الأصناف، ونربط ذاكرتهم بذكريات جميلة كعمرة أو إعتكاف أوصدقة أوزيارة أسرة محتاجة أو مساهمة في إفطار صائم حتى يتلذذوا بفضائل هذا الشهر ويستشعروا روحانيته.
وأنا لا أنكر تلك الفئة الصالحة والتي استبدلت ماهو أدنى بما هو خير ولكنه الحق الذي قد لا تقبله كل النفوس حتى وإن كان في هذا الحق سعادة الدارين، ولكني أساهم في تعديل ثقافة المجتمع ولكي نجعل رمضان لما شرع له ونتخذ من رسولنا الكريم قدوتنا الذي لم يذكر الإستكثار من الطعام على وجه المدح أبدًا بل قال ( ماملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطنه ).
واعتزاله صلى الله عليه وسلم نساءه وترك المباح في العشر لدليل قوي لا يعتريه شك أن الأصل في رمضان حصول الروحانية كما أن السلف رحمهم الله كانوا ينصرفون عن كل العلوم النافعة ليتفرغوا لقراءة القران الكريم وتدبر معانيه.
أحبتي إن رمضان أياماً معدودات فاستقبلوه بنظرة جديدة بما يوافق الحديث الصحيح والعقل الصريح، وأحسنوا ضيافته حتى لا يغادرنا إلا ونحن بحول الله وقوته مشمولين برحمته تعالى وفي زمرة المغفورين لهم والعتقاء من النار.
بلغنا الله وأياكم وجميع أمة محمد هذا الشهر أعوامًا مديدة وبارك الله لنا فيه وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.
بقلم / سهام القبي

Share on facebook
مشاركة
Share on twitter
مشاركة
Share on linkedin
مشاركة

التعليقات :

24 فكرة عن “رمضانُ بينَ دخولٍ وخروج.”

  1. رائع جدا من اجمل ما قرأت سلمت يداكي العنون جدا رائع وملفت .لابد ان يتم تغير بعض المفاهيم الخاطىء عن رمضان

  2. رمضان شهر فضيل يستقبله المسلمين كل سنة .بكل شوق وفرحة .وفي السابق كانت العبادة فيه أكثر ومع دخول الفضائيات وتواجد المولات والأسواق المكيفة قلت العبادة عند بعض الناس..نسأل الله يرحمنا ويعفو عنا تقصيرنا .مقال جيد مع جاء متأخر..

  3. เว็บดีบอกต่อ ให้บริการสล็อตออนไลน์ครบเครื่อง pgzeed ที่มีรีวิวจากผู้เล่นจริง การันตีความปลอดภัยมากกว่า 1,000 ยูส

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أحدث المقالات

اشترك في النشرة البريدية

مجلة إعلامية تقدم محتوى هادف لتنمية ثقافة المجتمع وتعزيز الفنون وتبني الموهبة في بيئة تطوعية.

تواصل معنا

feslmalhdf@gmail.com

جميع الحقوق محفوظة لموقع سلم الهدف © 2020

تواصل معنا

عبق إيماني

فن